مدونة رفاهي

كيف هي صحتك المالية ؟

في العادة يكون السؤال عن درجة وعيك المالي؛ أو ثقافتك المالية؛  أي مدى فهمك وتطبيقك لمجموعة من المعارف والمهارات المالية التي تمكنك من تنظيم أمورك المالية و اتخاذ قرارات مالية سليمة.

ولكن مفهوم الصحة المالية أو “اللياقة المالية”؛ يحمل أبعاداً أخرى لا تقتصر فقط على تمتعك بالوعي والثقافة المالية ؛ ولكن أيضاً قدرتك على التكيف مع متغيرات الحياة المختلفة وتمتعك بالتوجهات و القناعات الفكرية و الخبرات والممارسات التي تعينك على الاستجابة الإيجابية لهذه المتغيرات .

و نعني بمتغيرات الحياة هنا احتياجاتك الحالية والمستقبلية و تطلعاتك و أهدافك ؛ بالإضافة الى  تأثير الظروف  الاجتماعية و الاقتصادية و  غيرها في  البيئة المحيطة  محليا  وعالميا ؛ أو في محيطك الصغير أسرتك ومجتمعك وعملك .

وقدرتك على التكيف مع المتغيرات والاستجابة الإيجابية لها بالمفهوم المالي تشير إلى مدى استعدادك  الذهني و المالي للتصرف بتوازن في مختلف الظروف للمحافظة على درجة من الاستقرار المالي؛ فكلما زادت قدرتك التكيف مع الظروف والاستجابة لها بهذا المفهوم كلما كان ذلك مؤشراً على تمتعك بصحة مالية جيدة.

ومثال على ذلك التغييرات الاقتصادية التي فرضتها ظروف جائحة كوفيد-19 على الأفراد والأسر والمؤسسات من نقص في الموارد وفقد للأعمال؛  حيث ساهم التمتع بصحة مالية جيدة  الأفراد والمؤسسات على الحد من تبعات هذه الحوادث؛ بينما تأثرت بشدة اللأفرد والمؤسسات التي لا تتمتع بهذه الصحة أو اللياقة؛  وقٍس على ذلك متغيرات أخرى مثل الزواج أو الطلاق أو فقد العمل أو تغييره أو تحديات المرض أو التقاعد …الخ. فكلما زادت الصحة المالية للفرد كلما زادت قدرته وجاهزيته للتعامل مع هذه المتغيرات.

لماذا الصحة المالية مهمة للمرأة على وجه الخصوص؟

الصحة  المالية مهمة للمرأة والرجل؛ لا شك في ذلك، حيث ترتبط بحفظ الكرامة الإنسانية للفرد رجلاً كان أو امرأةً، فهي السبيل لخروجه من دائرة الفقر و العوز، لكن في حالة المرأة هناك بعض الظروف والعوامل التي تعطيها بعض الخصوصية، منها :

• عالمياً لازالت نسبة كبيرة من النساء لا يتمتعن بدخل خاص بهن، و قراراتهن المالية مرتبطة بالقرارات المالية التي يتخذها من يعيلهن، وفقاً لدراسة بنك USB   58% من النساء على مستوى العالم يتركن القرارات المالية طويلة الأجل للرجال .
• رغم انخفاض متوسط نسبة الوعي المالي عالمياً بين النساء والرجال  حيث لا تزيد نسبة عن 35%للرجال إلا أنها أقل للنساء، حيث لا تزيد عن 30%.
• خصوصية الدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع والأسرة باعتبارها مديرة المنزل و مدبرة الأسرة، وتشارك بشكل أو آخر في القرارات المالية للأسرة، وهي المربية للأطفال  خاصة مع غياب تدريس الثقافة المالية في كثير من  أنظمتنا التعليمية .
• الكثير من النساء أيضاً يهملن ترتيب أمورهن المالية سواء أكنّ عاملات أو غير عاملات، ويعطين الأولوية في توفير الأمان المالي لأسرهن و أطفالهن، لذلك كثيراً ما نشاهد معاناة المسنات مع الكبر والضعف وقلة الدخل خاصة بعد وفاة الأزواج، إذ من المعروف أن المرأة تعمر أكثر من الرجل غالباً (ما بين ثلاث إلى خمس سنوات في المتوسط)؛ و قد وجدت دراسات عالمية أن معظم النساء المتقاعدات يعشن في مستوى لا يليق بهنّ من الحاجة ونقص الدخل وأن معاش التقاعد الذي يتقاضينه لا يكاد يكفيهن.

ماهي مظاهر صحتك المالية:

هناك مظاهر متعددة تبين لك مدى تمتعك بصحة مالية جيدة من أهمها :

1. شعورك بأنك مسيطرة على أمورك المالية: فأنت تدركين احتياجاتك الحالية والمستقبلية، لديك أهدافك المالية وتعرفين كم هو دخلك وما هي مصادره، وتعرفين كيف تديرينه ( أين تنفقينه ولماذا وكم تدخرين وأين تستثمرين) .
2. لديك القدرة على امتصاص الأزمات المالية، ولا يعني ذلك تجاوزها تماماً، ولكن التعامل معها بحيث لا تسبب لك فقدان توازن أو فقدان للسيطرة على خططك وأهدافك المالية .
3. لديك آلية لمتابعة أهدافك المالية، بحيث تعرفين كم أنت قريبة أو بعيدة عنها.
4. تتمتعين بالمرونة لاتخاذ قرارات مالية قد تتضمن تغيير الأهداف أو مصادر الدخل أو طريقة إدارتك لدخلك.

كيف أقيًم  صحتي المالية؟

المؤشرات الخاصة بالصحة المالية أربعة: (الانفاق، الادخار، الاقتراض، والتخطيط المالي )، و الأسئلة التالية ستساعدك على تقييم  صحتك المالية من خلال هذه المؤشرات:

• هل تنفقين دخلك الشهري كله  سواء على نفسك أو على أسرتك ؟ أم أن نفقاتك  أعلى أو أقل من دخلك الشهري؟

إن المحافظة على نسبة معقوولة من الانفاق تمكنك من توجيه بقية الدخل للادخار والاستثمار والاحتياط – للمستقبل.

• هل أنت ملتزمة بسداد ما عليك من فواتير وقروض والتزامات في مواعيدها؟

-ان التزامك بسداد التزاماتك المالية هو مؤشر على سلامة وضعك المالي و قدرتك على الاقتراض عند  الضرورة.

• إذا كانت عليك أي  قروض بنكية سواء (سيارة أو قرض عقاري ..الخ )، أو قروض لأشخاص، كم تمثل هذه القروض من دخلك الشهري ؟

-حيث من الضروري الانتباه الى حجم المبالغ التي تلتزمين بسدادها شهرياً للمقرضين، إذا أنها ستؤثر بشكل مباشر على نفقاتك الأخرى وعلى قدرتك على الادخار والاستثمار.

• إذا فقدتي مصدر دخلك الحالي، كم بإمكانك الاستمرار في العيش بنفس مستوى صرفك الحالي، بدون أن تقترضي أو تسحبي من رصيد معاش التقاعد  ؟

– من الضروري لكل فرد و أسرة المحافظة على التوفير إلى ما لا يقل عما يعادل دخل الأسرة لفترة ( 3-6 ) أشهر أو اكثر، وهو ما يمكن تسميته بمستوى الأمان ، أي ما يكفي لإعالة الفرد أو  الأسرة وتغطية نفقاتها  لهذه المدة الزمنية، وذلك في حالة انقطاع الدخل  لأي سبب مثل ترك العمل أو  المرض أو العجز أو الوفاة -لا قدر الله-، وكلما زاد المبلغ المدخر عن مستوى الأمان .

• هل تتبعين أي خطوات عملية لتحقيق أهداف مالية طويلة الأجل مثل: ( بدء مشروع خاص ؛ شراء منزل؛  تعليم الأبناء؛ التقاعد؛…؟)

– لا يكفي وضع أهداف مالية، بل لابد أن تكون هناك خطة وآلية لمتابعة مدى تقدمنا في تحقيق هذه الأهداف.

• هل لديك أي نوع من التأمين للطوارئ ؟ وما مدى كفاية هذا التأمين ؟

– تحتاجين الى تأمين احتياجاتك الطارئة المستقبلية، فبالإضافة إلى مستوى الأمان المشار إليه في النقطة السابقة، تحتاجين إلى بند ثابت في ميزانيتك الشهرية للطوارئ، بالإضافة إلى تأمين صحي أو تأمين في حال الأزمات الكبيرة مثل التعرض للحوادث أو فقد الممتلكات .

إن اجابتك عن الأسئلة السابقة هي بداية لتفقد صحتك ولياقتك  المالية، و درجة رضاك عن إجاباتك هي بداية للتفكير في خطة للتمتع بصحة ولياقة مالية عالية.

• مراجع :
• كتاب ادارة الموارد الأسرية – دكتورة مهيرة البدوي -2018- مكتبة دبي للتوزيع/جملون
• مقال :أهمية الاستقلال المالي للمرأة وتحديات التمكين الاقتصادي للنساء-مدونة حلّوها :السعادة قرار
• https://www.nerdwallet.com/blog/financial-literacy

‍