التخطيط المـالي في الأسـرة: 4 مؤشـرات أساسية
مع اتفاق الكثيرين إن لم يكن الجميع على أهمية التخطيط والترتيب المسبق لكثير من جوانب الحياة، إلا أنه ما زال هناك الكثير من التفاصيل والممارسات المرتبطة بالتخطيط يمكن تحسينها وتطويرها خاصة ما يتعلق بمجال وثقافة التخطيط المالي الأسري أو الشخصي.
والتخطيط المالي كما يشير المسمى يعني وضع خطة لكل ما تريد الأسرة تحقيقه بشكل عام في الجانب المالي من أهداف مثل:
- التخطيط لامتلاك أصول أو استثمارات، أو لتكوين حد معين من الرصيد البنكي، أو خطة الموازنة المالية الشهرية أو لسداد الالتزامات والديون أو التخطيط لتحقيق الاستقلال المالي للأسرة.
- أو خطط الأسرة في جوانب الحياة الأخرى والتي تحتاج الى ترتيبات مالية مثل:
التخطيط لامتلاك منزل أو سيارة، أو للسفر في عطلة، أو للحج، أو التخطيط لتعليم الأبناء، أو للتقاعد وفترة الشيخوخة.
حتى تتمكن الأسرة من التخطيط المالي أو لاستغلال مواردها المالية وإدارتها بفاعلية لتحقيق أهدافها في الحياة، تحتاج أولاً إلى التعرف على حقيقة وضعها المالي.
تحتاج الى تشخيص مشكلاتها وفهم طبيعة سلوكها المالي، بالإضافة الى فهم مقوماتها وإمكاناتها؛ وإلى رسم صورة واضحة تمكنها من فهم وإدراك حقيقة الوضع المالي للأسرة، والَّذي يمثل الانطلاق الأولى للتخطيط للمستقبل.
ويوجد عدد من المؤشرات المالية وغير المالية التي تساعد الأسرة على تكوين صورة شاملة عن حياتها المالية، بما في ذلك نقاط قوتها ونقاط ضعفها، والتحديات والفرص التي تنتظرها.
في هذا المقال نستعرض أربعة من هذه المؤشرات المالية وغير المالية:
- المؤشرات غير المالية:
وهي مؤشرات تقديرية غير كمية لكن يسهل رصدها وفهمها من خلال الملاحظة وربما الحوار الأسري من هذه المؤشرات:
- السلوك المالي للزوجين:
إن فهم السلوك المالي الشخصي هو الخطوة الأولى الضرورية لكلا الزوجين ليعرف كلاً منهما ما هو التأثير المتبادل لهذا السلوك، وكيف يمكن للأسرة أن تستفيد من نقاط القوة عند الزوجين، وكيف يمكن معالجة نقاط الضعف أو تجاوزها وتقليل آثارها على الحياة المالية للأسرة.
كما أن هذا الفهم هو الخطوة الأساسية لتحقيق الانسجام والتناغم بين الزوجين فيما يتعلق بإدارة الأمور المالية في الأسرة، الأمر الذي يؤسس لحياة أسرية مستقرة بعيداً عن الخلافات المالية.
والسلوك المالي هو مؤشر غير مالي، ويشير إلى الطريقة التي يتعامل بها الفرد مع المال إنفاقاً وادخاراً واستثماراً، والتي تنشأ من نظرة الفرد إلى المال ودوره في الحياة.
ويؤثر السلوك المالي للزوجين إلى حد كبير في سلوك الأبناء، وليتعرف الزوجان على سلوكهما المالي، يحتاج كل منهما إلى أن يجيب على مثل هذه الأسئلة:
- ماهي نظرته للمال؟ هل المال هو السعادة وحل لجميع مشكلات الحياة، أم سبب من أسبابها؟ هل المال بالنسبة له هو مصدر للسلطة والقوة أم أنه مجرد وسيلة من وسائل تحقيق النجاح في الحياة؟
- ما هو رأيه في الاقتصاد في المعيشة؟ أو العيش بميزانيات شهرية وسنوية؟
- ما هي نظرته للادخار؟ وهل لديه نية أو خطط لتنمية مدخرات للتعليم أو السكن أو للتقاعد؟
- هل يميل الى إنفاق المال بسهولة، أم يتأنى في صرف النقود؟
- هل يدرس قراراته المالية أم أنها سريعة ووليدة اللحظة؟
- هل يشعر بالقلق من عدم الحصول على كفايته من النقود؟ أو بالقلق من عدم قدرته على مواجهة احتياجاته واحتياجات اسرته مستقبلاً؟
- ماهي مهاراته وقدراته التي تؤهله لإدارة أمواله واتخاذ قرارات الإنفاق والادّخار والاستثمار؟
- ماهي المهارات والمعارف التي يحتاج أن ينميها؟
2. أسلوب معيشة الأسـرة:
ونعني بنمط المعيشة طريقة استخدام الأسرة لمواردها المالية وإلى أي مدى تعبر طريقتها عن قناعاتها ورؤيتها لحياتها المالية والاجتماعية.
وهو مؤشر غير مالي أيضاً، ولكن يمكن الاستدلال عليه بمؤشرات مالية مثل: نسبة الإنفاق إلى الدخل، أيضا العجز المتكرر في موازنة الأسرة، بالإضافة الى تحليل مستويات الديون وحجم الديون السيئة وهي الديون لأغراض استهلاكية غير ضرورية في موازنة الأسرة.
- المؤشرات المالية: وهي مؤشرات كمية يمكن قياسها ورصدها والتعبير عنها بالأرقام؛ ومنها:
- صافي ثروة الأسرة
يقدم مقياساً لحجم ثروة الأسرة أو القيمة الصافية لأصولها العينية والمالية في لحظة معينة، هذا المؤشر يوضح كم ستكون حجم ثروة الفرد او الأسرة إذا قام ببيع جميع ممتلكاته وسداد جميع التزاماته المالية، ويحسب عن طريق: طرح مجموع الالتزامات المالية للأسرة (القروض البنكية، رصيد بطاقات الائتمان، قرض سيارة. الخ) من مجموع أصولها المالية (أموال سائلة، ودائع بالبنوك، عقارات، مشروعات تجارية، مجوهرات ..الخ ) وذلك بالسعر الحالي للسوق.صافي الثروة = مجموع الأصول – مجموع الالتزاماتفإذا كانت قيمة صافي الثروة رقماً موجباً، فهذا يعني أن حجم الأصول يعكس وجود ثروة للأسرة، لكن حجمها يتوقف على قيمة هذا الرقم، فارتفاع قيمة هذا الرقم مؤشر لاستقرار الوضع المالي للأسرة واستعدادها لوضع خطط واتخاذ قرارات مالية جديدة.أما إذا كانت القيمة رقماً سالباً فهي تعكس غلبة الالتزامات، وكلما زادت قيمة الرقم كلما زادت صعوبة الوضع المالي للأسرة.وتبرز أهمية هذا المؤشر بشكل خاص عند التخطيط لاتخاذ قرارات مالية كبيرة، أو وضع خطط مالية طويلة المدى، مثل الدخول في التزامات بنكية كبيرة أو شراء مسكن أو التخطيط للبدء في مشروع تجاري أو التخطيط للتقاعد، فمثل هذه القرارات والخطط تستدعي معرفة حقيقة الوضع المالي للفرد أو الأسرة.كما أن لهذا المؤشر دوراً مهما في توضيح حقيقة الوضع المالي للفرد والأسرة، فوفرة الممتلكات المادية حول الأفراد ربما تشعرهم بالغنى والوفرة وتدفعهم إلى نمط استهلاكي يعكس هذا الثراء، في حين أن كثير من هذه الممتلكات (منازل، سيارات) قد تكون الأسرة حصلت عليها خالصاً عن طريق القروض التي لم يتم سدادها بشكل كامل، وما زالت نسبة منها تمثل التزاما على الأسرة وليست أصلاً مالياً
.2. مستوى الدين في موازنة الأسرة وهو مؤشر مالي يستخدم لمعرفة نسبة القروض الى الدخل في ميزانية الأسرة، أي نسبة إجمالي أقساط القروض التي تتحملها الأسرة إلى دخلها الشهري، ويمكن ملاحظة أهمية هذا المؤشر خاصة عند اتخاذ قرار أخذ قرض جديد. حيث يساعد في تقدير مدى مناسبة حجم القرض لميزانية الأسرة ومدى قدرة الأسرة على تحمل قسط جديد.مستوى الدين = (مجموع أقساط القروض المصرفية / اجمالي الدخل الشهري)× 100وتستخدم البنوك هذا المؤشر أيضا ضمن إجراءات الموافقة على منح قرض لتقدير مدى قدرة المقترض على الوفاء بالقرض الجديد.وأيا كان المؤشر المستخدم؛ فإنه يقدم للأسرة أساسا ومنطلقا لفهم وضعها المالي بمكوناته المختلفة، وحافزا لبناء رؤية مستقبلية وتصوراً لما تريد أن تكون عليه حياتها المالية في المستقبل.المراجع:
- إدارة الموارد الأسرية /د. مهيرة البدوي -مكتبة دبي للتوزيع